info@zakat.org.lb 961-1-806300
July 26, 2012 - بواسطة مشرف

وللزكاة فوائد أخرى

ان أداء الزكاة واجب على كل من ملك النصاب وحال الحول على ماله، وذلك تنفيذاً لأمر الله عز وجل وطلباً لرضاه وإدخالاً للسعادة على المجتمع وأبنائه.
ولكن لكي تؤتي الزكاة ثمارها المرجوة يرى أهل العلم والإختصاص أن تؤديها من خلال مؤسسة مختصة لديها لوائح وبيانات الأُسر المحتاجة وعندها البرامج والمشاريع الموجهة لهم، ذلك أن المؤسسة لا تصرف المساعدات إلا بعد التحقق من حاجة السائل وأحقيته بالمساعدة، وهذا ما يجعل للزكاة الدور الرئيسي المحوري في إسعاد المجتمع وأبنائه المستحقين لمال الزكاة من خلال التأكد من أحقيتهم لهذا المال.
... ويأتي السؤال ماذا يستفيد المؤدي لزكاته غير الأجر من الله عز وجل المدخر ليوم الحساب، وغير البركة والنماء وحفظ المال وإرساء التكافل الاجتماعي والتراحم الإنساني. ربما يقول قائل إن كانت هذه هي الاستفادة فإنها تكفي وتزيد بحد ذاتها، إلا أننا نقول أن للزكاة فوائد جليلة غير ما ذكرنا.
وهنا يجب أن نعلم ان للزكاة فوائد صحية جمة تحمي مؤديها من الإصابة بالأمراض النفسية والجسدية.
قال تعالى: "خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا" [التوبة: 103].
تبيّن هذه الآية كيفية تأثير سعادة الزكاة في عمل جهاز المناعة في جسم الإنسان. إذ ان الشعور بالسعادة والرضا بعد أداء الزكاة والصدقات يقوي جهاز المناعة فيحمي الإنسان من الإصابة بالأمراض المعدية ومن تكوّن الأورام ونشوء السرطانات التي لا تنمو إلا بعد ضعف عمل جهاز المناعة.
فالذي يؤدي فريضة الزكاة إنما يفكر في الآخرين وينشغل عن التفكير في ذاته الذي هو أهم أسباب الإصابة بالاكتئاب الذي يأتي بعد القلق.
كذلك فإن البحث عن مستحقي الزكاة وكيفية إيصالها لهم والتفكير في حل مشاكلهم وقضاء حوائجهم من وسائل العلاج الإجتماعي والعلاج الجماعي، والعلاج بالعمل وهو من أهم طرق ووسائل العلاج النفسي التي يستخدمها الطب النفسي في علاج الاكتئاب.
ومن المؤكد عقلاً وشرعاً ان النفس إذا صحت صح البدن كله وإن هي شقيت شقي البدن كله، فالنفس والبدن لا يمكن فصلهما من حيث الصحة والمرض والمناعة.
كما ان أداء الزكاة لمستحقيها وقاية للمجتمع من الغش والحسد والحقد والذي قد يتولد لدى بعض المحتاجين والفقراء تحت وطأة الحاجة والعوز والقهر، وهي من أهم أسباب الإصابة بالاضطراب النفسي والعاطفي الذي يوصل حتماً إلى الإصابة بالأمراض النفسية والجسدية على حدٍ سواء.
ولا غرابة عندما نعلم ان أداء الزكاة يفرز هرمونات السعادة، والشعور بالسعادة والرضا يأتي عندما نكفكف دمعة ونداوي جرحاً ونعالج الانات في الملمات سيما وقت الشدائد والأزمات.
وهذا مما يجعل أجسامنا تفرز هرمونات تساعد على تنشيط الدورة وتنظيم ضغط الدم وضبطه؛ وفي هذه الحالة تحصل تهدئة للقلب وتسكين للآلام النفسية والعضوية.
كما ان هذه الهرمونات الناتجة عن السعادة والتي يطلق عليها أيضاً: «هرمونات السعادة» التي تقي أيضاً من الإصابة بالقرح الهضمية وتشنجات القولون.
حينما نتراحم ونتصدق ونحب فإن الشعور بالسعادة يؤدي إلى إفراز مواد من شأنها مقاومة المرض النفسي والعصبي والعضوي كما تساعد في علاج الأمراض النفجسمانية التي تصيب الإنسان.
قال تعالى في كتابه العزيز: "إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " [البقرة: 271].
يقرر علماء الإجتماع أن أساس الصحة العقلية والتوافق بين الأفراد في المجتمعات هو اشتراك الإنسان في النشاط الإجتماعي وشعوره بأنه يؤدي نفعاً للمجتمع وبأنه عضو فاعل في هذا المجتمع وانه يسعى دائماً إلى خدمته.
وأنه ليس كالزكاة وسيلة يشعر الإنسان فيها بأنه شخص محبوب من غيره، نافع لمجتمعه متواصل معه.
ويقول أحد علماء الطب النفسي الاجتماعي:
«إذا شاء الرجل ان يستخلص من الحياة المتعة فعليه أن يسهم في جلب المنفعة للآخرين وتحقيق متعة الآخرين تحقق المتعة له».
وقد عرض عالم النفس الأميركي الدكتور داڤيد كيلان على طلبته فيلماً عن أعمال الخير تجاه الفقراء (وهو ما يعادل أداء الزكاة في العالم الإسلامي).
وعقب المشاهدة كشفت تحاليل لعاب الطلاب لا سيما الذين شاركوا في أعمال الخير وخدمة الفقراء والمرضى عن وجود زيادة واضحة في بروتين المناعة من النوع «A» وهو ما يعرف بالجسم المناعي «ZGA» وهي أجسام دفاعية مناعية تلعب دوراً مهماً في تغلب الجسم على الميكروبات التي تصيب الجهازين الهضمي والتنفسي.
كذلك فإن تنشيط جهاز المناعة يمنع تكوّن الأورام ونشوء السرطانات عن طريق وقف النمو غير الطبيعي للخلايا حيث تتكون في كل يوم خلايا غير طبيعية وتنقسم انقساماً شاذاً فتعمل الخلايا المناعية على القضاء على هذه الخلايا غير الطبيعية، ولكن عندما يضعف جهاز المناعة لا تجد هذه الخلايا غير الطبيعية من يكبحها ويقضي عليها.
فالمناعة هي قدرة الجسم في التعرف على الميكروبات «البكتيريا ـــ الفطريات ـــ الڤيروسات» وغيرها كالأجسام والخلايا الغريبة، والقضاء عليها جميعاً قبل أن تسبب الأمراض.
ويؤكد علماء النفس أن الشعور بالسعادة بعد فعل الخير وتلبية حاجيات المحتاجين والفقراء يعود على جهاز المناعة في الجسم بعظيم الفائدة؛ حيث يرتبط الجهاز المناعي للإنسان مع حالة الإستقرار النفسي برباط وثيق؛ إذ ترتبط الموصلات العصبية بين المخ والغدد الليمفاوية ونخاع العظام.
كما يقوم الطحال أيضاً عقب الشعور بالسعادة بإنتاج خلايا مطلوبة لحماية جسم الإنسان ضد الغزو الميكروبي؛
وبهذه الآلية فإن نزع الحسد والحقد من قلوب المحتاجين والفقراء يقوي مناعتهم ضد الإصابة بالأورام والسرطانات والأمراض المعدية. حالهم كحال فاعل الخير الذي يعزز من جهاز مناعته ويقويه.

... فعلاً: الزكاة طهارة للنفس والمال والمجتمع.