July 26, 2012 - بواسطة مشرف
رحمة بالمجتمع وأبنائه...لا تمنعوا زكاتكم
قال الله تعالى: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
وقال الله تعالى: "وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَوَّل ثَلاثَةٍ مِنْ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةِ، وَأَوَّلُ ثَلاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَأَوَّلُ ثَلاثَةُ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الشَّهِيدُ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ لَمْ يَشْغْلَهُ رِقُّ الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ، وَفَقِيرٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ، وَأَمَّا الثَّلاثَةُ يَدْخُلُونَ النَّارَ: فَأَمِيرٌ مُسَلَّطٌ، وَذُو ثَرْوَةٍ ومَالٍ لا يُؤَدِّي حَقَّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَالِهِ، وَفَقِيرٌ فَخُورٌ».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من كان له مال يبلغه حج بيت الله تعالى ولم يحج أو تجب فيه الزكاة ولم يزك سأل الرجعة عند الموت فقال له رجل اتق الله يا ابن عباس فإنما يسأل الرجعة الكفار فقال ابن عباس سأتلو عليك بذلك قرآناً قال الله تعالى: " وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ - أي أؤدي الزكاة- وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ" أي أحج».
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزميته أي بشدقيه فيقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية: "وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" أخرجه البخاري.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس بخمس، قيل: يا رسول الله، وما خمس بخمس؟ قال: ما نقض قوم العهد إلا سلَّط الله عليهم عدوَّهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشاَ فيهم الفقر، وما ظهرت الفاحشة فيهم إلا فشا فيهم الموت، ولا طفَّفوا الكيل إلا مُنِعوا النبات وأُخذِوا بالسنين، ولا منعوا الزَّكاة إلا حُبس عنهم المطر» (رواه أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه).
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدِّى حقها إلا جُعلت له يوم القيامة صفائح، ثم أُحْمَىَ عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي بين الناس فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار. وما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدى حقها إلا أُتِىَ بها يوم القيامة تطؤه بأطلافها، وتنطحه بقرونها، كلما مضى عليه أخراها رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون. ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار».
وقال صلى الله عليه وسلم «لعن الله آكل الربا وموكله ومانع الزكاة» رواه ابن حبان.
العقوبة الدنيوية لمن منع الزكاة:
ولم تقف السُّنَّة عند حد الوعيد بالعذاب الأخروي لمن يمنع الزكاة. بل هددت بالعقوبة الدنيوية كل من يبخل بحق الله وحق الفقير في ماله. يقول عليه الصلاة والسلام: «ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين» رواه الطبراني والسنين جمع سنة ــ وهي المجاعة والقحط.
وفي حديث آخر: قال صلى الله عليه وسلم: «ما خالطت الصدقة ــ أو قال: الزكاة ــ مالاً إلا أفسدته» رواه البيهقي. وهذا الحديث يدلُّ على أن الصدقة ــ بمعنى الزكاة ــ ما تركت في مال ولم تخرج منه إلا كانت سبباً في هلاكه وفساده. ويشهد لهذا المعنى ما روى في حديث آخر: «ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة» رواه الطبراني في الأوسط.
العقوبة الشرعية لمانع الزكاة
وفي العقوبة الشرعية القانونية ــ التي يتولاها الحاكم أو ولي الأمر ــ جاء قوله صلى الله عليه وسلم في الزكاة: «من أعطاها مؤتجراً فله أجره، ومن منعها فإنّا آخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شيء» (رواه أحمد والنسائي وأبو داود).
تضمن هذا الحديث الكريم جملة مبادئ هامة في باب الزكاة أحدها: أن الأصل في الزكاة أن يعطيها المسلم مؤتجراً، أي طالباً الأجر، ومحتسباً الثواب عند الله تعالى، لأنه يتعبد لله بأدائها، فمن فعل ذلك فله أجره، ومثوبته عند ربه.
الثاني: أن من غلب عليه الشح وحب الدنيا، ومنع الزكاة لم يترك وشأنه، بل تؤخذ منه قهراً، بسلطان الشرع، وقوه الدولة، وزيد على ذلك فعوقب بأخذ نصف ماله تعزيراً وتأديباً لمن كتم حق الله في ماله، وردعاً لغيره أن يسلك سبيله. وهذا التشديد في أمر الزكاة إنما هو لرعاية حق الذين فرض الله لهم الزكاة.
.. أما الذين ملأ الله قلوبهم نوراً وإيماناً والتزاماً فنبشرهم بالحديث النبوي الشريف: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة، من حافظ على الصلوات الخمس، على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه..) حديث حسن.
وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال: (تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم) رواه البخاري ومسلم.
عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال: جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إني شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وصمت رمضان وقمته، وآتيت الزكاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء» حديث حسن رواه البزار وابن حبان وابن خزيمة في صحيحه.
ما أجمل أن ينتقل العبد إلى ربه.. ويرتحل إلى مولاه.. وقد خلف وراء ظهره من الحسنات الباقيات ما تكون سبباً لدخوله جنة عرضها كعرض السموات والأرض.
طوبى لمن كان مفتاحاً للخير.. مغلاقاً للشر.. تجري على يده مصالح الخلق.. ومنافع العباد.
قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ".